languageFrançais

تتألم من نعتها بطفلة 'الزنا'..ومحاميتها ترافع 'تبّا للمشرع التونسي'

ذنبها أنها ثمرة علاقة حب بين أب تونسيّ وأم فرنسية أنجباها خارج إطار الزواج ورغم أنهما قدّما لها كافة حقوقها كابنة عندما كانوا في فرنسا، لكن الشابة المدعوّة ''شمس'' وعند عودتها إلى  تونس تعرضت لشتى أنواع الإهانة والنبذ من بعض أفراد عائلة والدها والمجتمع التونسي ككلّ.

أساؤوا معاملاتها وسلطوا عليها كلّ أنواع التمييز والقسوة بل ونعتوها بـ"إبنة زنا" وبألفاظ نابية، وقد تفاقم ذلك خاصة عندما تعلق الأمر بمطالبتها بالحق في ميراث والدها .

ورغم كل الضغوطات تلقت "شمس" تعليمها في تونس وتمسكت بحقها في الحصول على نسبها والدفاع عن حقها قضائيا لأنها مؤمنة بتاريخ جدتها المناضلة ووالدها اللذان دافعا طويلا عن الحقوق والحريات والديمقراطية حسب ما عبرت عنه خلال سرد شهادتها في جلسة المحكمة الصورية التي نظمتها الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات بالإشتراك مع التحالف التونسي من أجل المساواة في الميراث بمناسبة اليوم العالمي لحقوق المرأة الموافق لـ8 من مارس من كل سنة . 

وعبرت "شمس" في شهادة "اللامساواة بين الأطفال المولودين داخل إطار الزواج والأطفال المولودين خارج إطار الزواج "عن ألمها الشديد مما يعيشه الأطفال الذين ولدوا خارج إطار الزواج من إهانات وتعسف نفسي وإجتماعي في سن صغيرة دون أن يملكوا الحق في التعبير عن حقهم وفي الدفاع عن أنفسهم عن قرار يعتبره البعض  ذنبا ارتكبه أولياؤهم وهو ما يجعلهم يكبرون كأفراد مضطهدين ومتهمين منذ طفولتهم .

لحسن الحظ هناك محامون وقضاة للدفاع

 قالت "شمس" إنها بفضل دعم والثقافة القانونية التي تشبعت بها بعد لقائها بعض الحقوقيات في تونس من بينهم 'بشرى بالحاج حميدة' و'رجاء بن سلامة' ورئيسة جمعية النساء الديمقراطيات 'يسرى فراوس' ومحاميتها الشابة 'هالة بن سالم'  تمسكت بالبقاء في تونس وفضلت عدم الهروب إلى فرنسا ومواصلة الدفاع عن حقها رغم الضغط النفسي الكبير الذي تعرضت له قائلة "الحمد الله فمّا محامين وقضاة ويعيشكم إلي حليتولي مخي".

تبا لمشرّع لا يستوعب مولود علاقة حرة بين امرأة ورجل

من جانبها انتقدت المحامية هالة بن سالم المرافعة عن منوبتها "شمس" في المحكمة الصورية بلباسها المقدّس ما وصفته بتفنن المشرع التونسي في توصيف الطفل المولود خارج إطار الزواج بأبشع النعوت منها "الطفل اللقيط" و"طفل الزنا" و"إبن الفراش" و"الطفل مجهول النسب".

وقالت المحامية خلال المرافعة إن المشرع التونسي ارتكب وما يزال عدة أخطاء قانونية ويتناقض في إصدار أحكامه على الأطفال الذين ولدوا خارج إطار الزواج من ذلك مثلا أن الطفل الذي ولد في إطار جريمة التزوج بثانية كالمولود في إطار جريمة التزوج على غرار الصيغ القانونية يحظى بالاعتراف القانوني ونسبته لأبيه ومن ثم دخوله في قائمة الورثة .

واعتبرت المحامية أنه من غير المنطقي ومن غير العدل أن يمنح الابن بالتبني الحق في الإرث في حين يحرم منه الابن الشرعي منذ ذلك رغم ثبوت الصلة بينه وبين والده.

واستغربت من منح العلاقة التعاقدية حقوقا لا تمنحها العلاقة الدموية قائلة "تبا لهذا المشرع الذي يجعل من المولود في إطار علاقة مجرمة أحسن حظا من مولود وضع في علاقة لا يستوعبها نص التجريم". 

أوضحت هالة بن سالم أنه خلافا لذلك  فإن مولودا على غرار "شمس" التي ولدت في إطار علاقة حرة بين امرأة ورجل غير مجرمة فإنها لا تحظى بنفس الاهتمام ولا تنسب لأبيها إلا في صورة الإستلحاق وهي ألا يصرح الأب أن الطفل ولد خارج إطار الزواج وهي حالة استثنائية وحتى إن تأكد ذلك بالتحليل الجيني لا يتمتع المولود إلا باللقب العائلي وحقوق كالنفقة والولاية إلى حين بلوغ سن الرشد وينتفي الموجب مؤكدة أن المفارقة القانونية كبيرة جدا.

وفي ختام مرافعتها  طالبت المحامية أعضاء المحكمة الصورية إلى دعوة الدولة التونسية إلى تحمل مسؤولياتها في مراجعة أحكام مجلة الأحوال الشخصية في الباب المتعلق الميراث والنسب من أجل إلغاء كل أحكامها التمييزية وتأيّدها في دعوة  مجلس نواب الشعب إلى التسريع بإصدار قانون المساواة في الميراث وإقحام حق المولود خارج إطار الزواج في تركة وورث أبيه حتى تتلاءم مع أحكام الدستور والاتفاقيات الدولية .
 

*هناء السلطاني*